أوضاع السجون
في لبنان
(نشرت هذه الدراسة في مجلة الحياة النيابية،
الصادرة عن المجلس النيابي اللبناني، المجلد رقم 81 تاريخ كانون الأول 2011، ص 100-111)
لا يمر يوم دون أن نسمع أن عصياناً أو
إشكالاً قد حصل في أحد السجون اللبنانية، وعلى الأخص في سجن رومية، ناهيك عن قصص
الهروب الغريبة والمثيرة. ويفتح في كل مرة
موضوع أوضاع السجون والسجناء في لبنان. ويتسائل
الناس عن الذي يحدث، وعن الأسباب والمسببات، وعن الحلول لمنع حدوث ما يحدث. ويتبارى المسؤولون والمعنيون في التحدث بالموضوع
، منهم من يلقي اللوم يميناً وشمالاً أو على خصومه، ومنهم من يحلل الأحداث وقائعاً
وأسباباً، ومنهم من يقترح المعالجات والحلول لأوضاع السجون والسجناء السيئة --الكل
معني والكل مهتم والكل حريص. وسرعان ما يتبخر كل شيئ مع إنتهاء الحدث. وينسى الحريص كلامه، ويعود ليتذكره عند حدث
جديد، ليعاود المنوال. وتمر الأيام
والسنون ولا شيئ يتغير. الكلام يبقي كلاماً. وأوضاع السجون والسجناء على حالها إن لم نقل
أسوء.
إن بقاء السجون في لبنان على حالها هي وصمة عار وسجل أسود للبنان في مجال حقوق الإنسان. لهذا لا بد من معالجة أوضاع السجون في لبنان وإيجاد
الحلول الناجعة والنهائية لها.
ومساهمة منا للمساعدة
في هذا الأمر وجدنا من واجبنا إلقاء الضوء على هذا الموضوع المهم من خلال هذا
البحث الذي أردناه مقتضباً ولكن شاملاً. والموضوع سنتناوله من خلال ما
يلي: : التنظيم القانوني للسجون في لبنان،
واقع
السجون في لبنان، التعذيب والمعاملة القاسية أوغير الإنسانية أو
المهينة للسجناء والموقوفين، التعاطي الرسمي مع أوضاع السجون ومع موضوع التعذيب، وأخيراً المقترحات بشأن السجون وبشأن منع التعذيب.
أولاً: التنظيم القانوني للسجون في لبنان
ينظم السجون في لبنان المرسوم رقم 14310
الصادر
بتاريخ 11/2/1949 الذي أخضع هذه السجون لسلطة وزير الداخلية.
إلا أنه بمرور الوقت وتطور النظرة إلى
العقوبة، إذ لم تعد تقتصر على مجرد القصاص من المجرم بل أصبحت أيضاً ترمي لإصلاحه ومعالجة انحرافه، تغيرت وظيفة السجن. وتطلب هذا التطور تبلور فكرة الأشراف على السجون في لبنان ، من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل. وصدر
بالفعل المرسوم رقم 17315 بتاريخ 28/8/1964 الذي نص على استحداث إدارة في وزارة العدل
باسم (إدارة السجون ). إلا
أنه لتاريخه لم يتم إنشاء هذه الإدارة، لعدم تنظيم وإعداد مشروع متكامل لمديرية السجون ضمن تنظيم وزارة العدل . وجاءت الفقرة
2
من المادة 232 من
القانون رقم 17 تاريخ 6/9/1990 (قانون تنظيم قوى
الامن الداخلي) وأضافت الى مهمات هذه القوى مهمة ادارة السجون الى ان تتولى ذلك
الادارة المختصة في وزارة العدل. لذلك مازالت السجون في لبنان تخضع لسلطة
وزير الداخلية (تديرها وزارة الداخلية من خلال
المديرية العامة لقوى الامن الداخلي ).
يضم المرسوم المنظم للسجون في لبنان 153 مادة تتناول إدارة السجون وإدارتها وتفتيشها والإدارة الطبية فيها ومكتبة السجن وزيارة السجناء والأوضاع المعيشية للسجناء من غذاء، ملبس وفراش.
يضم المرسوم المنظم للسجون في لبنان 153 مادة تتناول إدارة السجون وإدارتها وتفتيشها والإدارة الطبية فيها ومكتبة السجن وزيارة السجناء والأوضاع المعيشية للسجناء من غذاء، ملبس وفراش.
قسم المرسوم السجون في لبنان (عددها 24 سجنا) إلى قسمين:
1ـ سجون مركزية: وهي السجون الواقعة في مدينة بيروت. في بيروت سجن واحد هو سجن نساء بيروت او سجن بربر خازن.
1ـ سجون مركزية: وهي السجون الواقعة في مدينة بيروت. في بيروت سجن واحد هو سجن نساء بيروت او سجن بربر خازن.
2- سجون مناطق: وهي السجون الموجودة في مراكز محاكم الاستئناف (مراكز
المحافظات) ومراكز القضاة المنفردين.
في جبل لبنان ستة سجون هي سجن
روميه، سجن جبيل، سجن عاليه، سجن نساء بعبدا،
معهد الإصلاح في بعاصير، ومعهد الإصلاح في الفنار.
في الشمال ستة سجون هي سجن طرابلس، سجن حلبا، سجن البترون، سجن زغرتا، سجن اميون،
وسجن نساء طرابلس.
في البقاع خمسة سجون هي سجن زحلة، سجن نساء زحلة، سجن جب جنين، سجن بعلبك،
وسجن رأس بعلبك.
في الجنوب اربعة سجون هي سجن صور، سجن النبطية، سجن تبنين، وسجن جزين.
وزع المرسوم المحكوم عليهم حسب
مددهم على هذه السجون ، إذ بنى المشرع اللبناني معيارتوزيع المحكوم عليهم حسب مدة العقوبة المحكوم عليهم بها، وتبنى
إلى جانب ذلك وضع القاصرين في أماكن خاصة بهم وكذلك النساء .
لم يرد بمرسوم السجون اللبناني نصاً خاصا بحق السجين في
تلقي أي نوع من التعليم. وما أتى في خصوص ذلك المادة 67 تحت عنوان مكتبة السجن والمعدلة في 10/2/1965. تشير هذه المادة إلى وضع الكتب المناسبة من أدبية واجتماعية وصحية تحت تصرف المسجونين
في كل سجن لتوجيههم وتنويرهم ولتكون هذه الكتب نواة مكتبية
خاصة بالسجناء ، وتشير إلى انتداب عدد من المدرسين التابعين لوزارة التربية الوطنية
والفنون الجميلة لتأمين التدريس والإرشاد في السجون.
رغم أن المرسوم المنظم للسجون في لبنان لم يشر صراحة لحق المسجون في التعليم إلا أن المشرع اللبناني وضع مشروعات
للإصلاح العقابي تأكد التزام الدولة بتقديم التعليم إلى المحكوم عليهم بالمؤسسات العقابية. من
هذه المشروعات مشروع بردريو الذي ينص على وجوب تمكين المحكوم عليهم من
تلقي أو توسيع المعلومات التي سوف تلزمهم بعد تسريحهم من أجل تأمين انسجام اجتماعي
أفضل، ويقر بإعطاء التسهيلات التي تتفق مع مقتضيات الانضباط والأمن إلى المحكوم
عليهم المؤهلين للاستفادة من التعليم المدرسي أو المهني وخاصة للأحدث سنا . ويضيف أيضا إلى أنه يجوز للمحكوم
عليهم بأذن من رئيس السجن الاستفادة من دروس أخرى
غير التي تعطى في السجن وبصفة خاصة تلقى متابعة الدروس عن طريق المراسلة على أن
يتحملوا نفقاتها، ويسمح لهم بحيازة العدة واللوازم المدرسية والكتب اللازمة، ويعترف أيضا المشروع للمحكوم عليهم الذين
تلقوا بصورة منتظمة التعليم المدرسي أو
المهني بحق التقدم للامتحانات إذا ثبت أنهم مهيئون لهما بصورة كافية، ويجري الامتحان في
السجن، فإن استحال ذلك سمح للمحكوم عليه بالخروج منه تحت الحراسة للاشتراك في
الامتحانات العامة.
غير أن المرسوم أقر إنشاء معهد لإصلاح الأحداث وتربيتهم وجاءت
النصوص في المواد 136– 153 . وينقسم التعليم في هذا المعهد إلى قسمين : التعليم النظري والتعليم المهني،
وتؤخذ مواد التعليم النظري من منهاج التعليم الابتدائي الرسمي
بينما يشمل التعليم المهني فروع النجارة والحدادة والخياطة. ويدير هذا
المعهد موظف تابع لإدارة التعليم الابتدائي الرسمي يعاونه موظفون يؤخذون من
مجال التعليم الرسمي. ويشرف على هذا المعهد لجنة مؤلفة من 6 أعضاء يرأسهم المدير العام
لوزارة التربية الوطنية أو من يندبه ومفتش التعليم الابتدائي
في بيروت عضوا ، مندوب عن كل من وزارة العدلية ، المالية ، الداخلية أعضاء ،
مندوب عن جمعية حماية الأحداث. ومن الواضح أن مجال التعليم في هذا المعهد قاصر
على مرحلة التعليم الابتدائي ولا يتعداه إلى ما دون ذلك .
ثانياً: واقع السجون في لبنان
واقع الحال يثبت ان السجون في لبنان هي بمنتهى السوء وهي بحاجة لإصلاح فعلي
على كل الصعد والمستويات. فهذه السجون هي وصمة عار
وسجل أسود للبنان في مجال حقوق الإنسان.
يتفق الجميع على أن وضع السجون في
لبنان غير مرضٍ، من الإكتظاظ إلى رداءة الطعام إلى غياب المنشآت الترفيهية
والصحية، إلى عدم المحاكمة، وإلى التوقيف حتى بعد انتهاء المدة بسبب تراكم
الغرامات، وتضارب الصلاحيات بين وزارتي العدل والداخلية حول الاشراف على أوضاع
السجون بين وزارتي العدل والداخلية. بعض السجون في المناطق كانت مربضاً للخيول في أيام الاتراك والفرنسيين! وسجن الامن العام تحت جسر العدلية مجموعة أقفاص حديدية مكتظة الى آخرها، روائح العفن والرطوبة، التدخين،
الفرش الصغيرة المفردة والمتكدسة فـ "لا مكان للنوم الا عبر التسييف" (أي النوم على الجنب وكعب وراس).
في تقريره
المقدم في العام 2009 تناول المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف
ريفي واقع السجون في لبنان. جاء في التقرير ما يلي:
عن
إستيعاب السجون، يذكرالتقرير على ان الحد الاقصى الممكن
استيعابه في كل السجون اللبنانية هو 3653 سجيناً،
علماً ان عدد السجناء الموجود حتى تاريخ 24/8/2009 هو5324 منهم 3500
سجين في سجن روميه وحده، علماً ان امكان
استيعابه يصل الى 1050 سجيناً
فقط، وهذا ما يمكن ان يؤدي الى مشاكل متعددة على مستوى:
- الوضع الامني في السجن.
- تغيّر في سلوك السجناء الذي يمكن ان يتحول نقمة وعنفاً نتيجة الواقع الحياتي الصعب.
- تفشي الأمراض الخطيرة والمعدية.
- الوضع الامني في السجن.
- تغيّر في سلوك السجناء الذي يمكن ان يتحول نقمة وعنفاً نتيجة الواقع الحياتي الصعب.
- تفشي الأمراض الخطيرة والمعدية.
عن نقص
التجهيزات الامنية، يقول التقرير ان السجون في مختلف المناطق اللبنانية شبه خالية من
التجهيزات الامنية (اجهزة تفتيش الكترونية يدوية وثابتة، كاميرات المراقبة
الحديثة، اجهزة تشويش على الهواتف الخليوية...) والمخصصة
للكشف على الممنوعات التي يمكن ان تسرّب الى السجون والسجناء، وهي تمثل في عصرنا
الحالي الحماية الامنية الانسب والاهم بحيث تؤدي دوراً فعالاً في تطبيق الاجراءات
الامنية اللازمة في السجون.
عن إدارة السجون، يقول التقرير إن إدارة السجون في لبنان هي إدارة غير متخصصة،
ويضيف أن إدارة السجون في عالمنا الحالي اصبحت إدارة متخصصة تُدرس في الجامعات
والمعاهد والكليات، بحيث يتابع العناصرالذين يقومون بهذا العمل دورات تدريبية في
اختصاصات متعددة (اجتماعية ونفسية وامنية وادارية وقانونية).
ويذكر التقرير بالتقارير السابقة التي طالبت فيها قوى الامن الداخلي نقل ادارة السجون الى وزارة العدل، ويقول لم يتم حتى تاريخه اتخاذ اي تدابير عملانية لذلك، وفي ظل هذا الانتظار لم تخضع عناصرنا لدورات تدريبية تُذكر.
ويذكر التقرير بالتقارير السابقة التي طالبت فيها قوى الامن الداخلي نقل ادارة السجون الى وزارة العدل، ويقول لم يتم حتى تاريخه اتخاذ اي تدابير عملانية لذلك، وفي ظل هذا الانتظار لم تخضع عناصرنا لدورات تدريبية تُذكر.
عن وجود سجناء اسلاميين في السجون اللبنانية، يقول التقرير: "إن مفهوم
السجن الحديث هو الاصلاح، بحيث يتمكن السجين المذنب من معرفة خطئه او جرمه وتحليله
والعودة عنه.
في سجن روميه نحو /280/ سجيناً اسلامياً وجدوا فيه بسبب تطبيقهم لنظريات عقائدية دينية في شكل عنفي، وبالتالي فإنهم يُعتبرون سجناء غير جنائيين.
ان هؤلاء السجناء، ناهيك بالحراسة الخاصة والحماية المشددة التي يتوجب اتخاذها، في حاجة الى اعادة تأهيل واصلاح من المؤسسات الدينية، وهذا الامر مطبّق في الدول المجاورة التي تعاني هذه الظاهرة (المملكة العربية السعودية وغيرها) التي تطبق ما يسمى (المناصحة) اذ يتولى رجال دين متخصصون عقد لقاءات حوار معمّقة مع الموقوفين لاطلاعهم على احكام الدين الاسلامي القاضية بالتسامح وقبول الآخر وعدم رفض الآخرين او تكفيرهم".
في سجن روميه نحو /280/ سجيناً اسلامياً وجدوا فيه بسبب تطبيقهم لنظريات عقائدية دينية في شكل عنفي، وبالتالي فإنهم يُعتبرون سجناء غير جنائيين.
ان هؤلاء السجناء، ناهيك بالحراسة الخاصة والحماية المشددة التي يتوجب اتخاذها، في حاجة الى اعادة تأهيل واصلاح من المؤسسات الدينية، وهذا الامر مطبّق في الدول المجاورة التي تعاني هذه الظاهرة (المملكة العربية السعودية وغيرها) التي تطبق ما يسمى (المناصحة) اذ يتولى رجال دين متخصصون عقد لقاءات حوار معمّقة مع الموقوفين لاطلاعهم على احكام الدين الاسلامي القاضية بالتسامح وقبول الآخر وعدم رفض الآخرين او تكفيرهم".
عن وجود سجناء اجانب منتهية محكومياتهم في
السجون اللبنانية، يقول التقرير: "تصل نسبة
السجناء الاجانب المنتهية محكومياتهم الى نحو 13 في المئة
من اجمالي مجموع السجناء في لبنان، وقد وصل عددهم في احدى المراحل الى /800/ سجين وعددهم حالياً /250/، وهم
الذين لم يتم تسلمهم من المديرية العامة للأمن العام ليُصار الى تسوية اوضاعهم
وتأمين تذاكر سفر لهم بغية ترحيلهم الى بلادهم بحيث يُستبقون في السجون والنظارات،
وهذا ما يشكل عبئاً أمنياً وإدارياً ومادياً على عاتق قوى الامن الداخلي".
عن ارتفاع نسبة السجناء الموقوفين في السجون اللبنانية، يقول التقرير: "إن نسبة السجناء الموقوفين في السجون اللبنانية هي 2/3 من اجمالي مجموع السجناء، وهم الذين لديهم ملفات عالقة لدى القضاء اللبناني لفترة طويلة ولم يتم بت مصيرهم وإصدار الاحكام بحقهم، علماً ان النسبة الطبيعية هي (1/3 موقوف مقابل 2/3 محكوم)".
عن ارتفاع نسبة السجناء الموقوفين في السجون اللبنانية، يقول التقرير: "إن نسبة السجناء الموقوفين في السجون اللبنانية هي 2/3 من اجمالي مجموع السجناء، وهم الذين لديهم ملفات عالقة لدى القضاء اللبناني لفترة طويلة ولم يتم بت مصيرهم وإصدار الاحكام بحقهم، علماً ان النسبة الطبيعية هي (1/3 موقوف مقابل 2/3 محكوم)".
في شهادات سجناء سابقين نشرتها الصحف
اللبنانية، اختزلوا السجن بـ "الرشوة، السلطة والقوة، حيث يتمتع أصحاب المال والسلطة بالكثير الكثير من
الامتيازات، وخصوصاً تجار المخدرات الذين يختارون بأنفسهم الزنزانة وعدد الأشخاص
الذين سيتقاسمونها معهم.. فقط لخدمته". وكانوا يحزنون عندما يروا سجناء يخرجون من زنازينهم ويتنقلون بحرية
ويتوجهون إلى النزهة ساعة يشاؤون، ويمضون أوقاتاً مع عائلاتهم، وعندما اعترضوا
يوماً كان الجواب "ادفعوا ما يدفعونه وتحصلوا على ما تريد".
إذأً، يكشّف واقع السجون بما فيها أماكن التوقيف الاحتياطي، عن العديد من المشكلات. الموقوفون احتياطياً لا يزالون كثراً، كذلك حال الموقوفين الأجانب الذين تعجّ بهم الزنازين بدل ترحيلهم. يضاف إلى ذلك مشكلة الاكتظاظ. إن الاكتظاظ في السجون هو اكثر من ضعفي قدرة استيعابها مما يؤثر سلباً على الصحة
العامة لجهة انتقال الأوبئة والأمراض المعدية بين السجناء وبينهم وبين رجال الأمن
العاملين. وإن اكتظاظ السجون وقلة مراكز
الاحتجاز عنيا أن الموقوفين غالباً ما كانوا يحتجزون مع السجناء المدانين، وان
القصر احتجزوا أحياناً مع البالغين. وإن مجمل الحالة تؤدي الى تفاعل التأثير السلبي على اوضاع المساجين الذي
يطاول الأخلاق والسلوك وظهور حالات شذوذ جنسي وعراك ، مما يجعل حرم السجن خارج
دائرة الإنضباط وعرضة لحالات التمرد والشغب .فضلاً عن مسألة انتشار الحبوب المخدرة بين السجناء. يضاف فوق كل
ذلك عدم وجود إدارة متخصصة للسجون . فالمولجون بإدارة السجون فتنقصهم الخبرة المطلوبة وهم في غالبيتهم في حالة
من الترهل والتعامل المزاجي في التعاطي . وهناك ايضاً ، خاصةً خارج سجن رومية نقص في التأهيل ويكاد يكون معدوماً: تأهيل مهني أوتعليمي أو إنتاجي .
ثالثاً: التعذيب والمعاملة القاسية أوغير الإنسانية أو
المهينة
تفيد تقارير منظمات وجمعيات حقوق الإنسان بما فيها منظمة العفو الدولية (AI) وهيومن رايتس ووتش (HRW)، بأن التعذيب أمر شائع
في لبنان. على مدى سنوات طويلة قامت منظمة العفو الدولية بالتحقق من ممارسات التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان في لبنان. وفي تقارير صادرة عنها، ذكرت منظمة العفو الدولية بأنه كثيرا ما يحتجز المعتقلون بمعزل عن العالم الخارجي فور القبض عليهم، وذلك دون السماح لهم بالاتصال بأسرهم أو محاميهم أو بالعالم الخارجي، ولا تمارس النيابة العامة أو السلطة القضائية الإشراف الواجب للتأكد من أن المعتقلين يعاملون معاملة إنسانية. وتضيف التقارير بأن الضباط المكلفين بتنفيذ القانون يخالفونه ويقومون بممارسة التعذيب وهم بمنأى عن المساءلة والعقاب، كما تتقاعس الدولة عن التحقيق في ادعاءات التعذيب.
في رسالة وجهتها منظمة هيومن رايتس ووتش (HRW ) إلى مجلس الشراكة بين
الاتحاد الأوروبي ولبنان في الرابع عشر من شباط 2008، وأخرى وجهتها إلى وزير الداخلية اللبناني
في السابع من تشرين الأول 2008، أفادت المنظمة بوجود حالات تعذيب تمت خلال هذا
العام 2008 في وزارة الدفاع، وفي فرع المعلومات، وهو الجناح الاستخباراتي لقوات
الأمن الداخلي، وكذلك في بعض مقرات الشرطة.
الجمعية اللبنانية للتعليم والتدريب أكدت بدورها وقوع حالات تعذيب في مراكز
الاحتجاز التابعة لمكتب مكافحة المخدرات التابع لقوات الأمن الداخلي، في كل من
العاصمة بيروت ومدينة زحلة.
في العام 2008 وجهت سبع منظمات لبنانية
ودولية معنية بقضايا حقوق الإنسان في لبنان ]منظمة الكرامة للدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمة هيومن
رايتس ووتش والجمعية اللبنانية للتعليم والتدريب (Alef) ومركز الخيام لتأهيل ضحايا
التعذيب ومركز ريستارت لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب (Restart) والمركز اللبناني لحقوق
الإنسان (CLDH) وجمعية رواد (Frontiers)[ رسالة إلى وزير الداخلية اللبناني زياد بارود للإستعلام عن نتائج
التحقيقات ومطالبة أن تشمل هذه الأخيرة كافة وفيات السجناء أثناء الإحتجاز إضافة إلى
التعذيب والمعاملة السيئة في السجون ومراكز الإحتجاز اللبنانية. وكشفت أن27 محتجزاً على الأقل لقوا حتفهم في
السجون ومراكز الاحتجاز اللبنانية منذ مطلع العام 2007، وأن بعض هذه الوفيات
تثيرالشكوك حول احتمال وقوع أعمال إجرامية من قبل مسؤولين داخل السجن، بينما يشير
بعضها الآخر إلى إهمال حراس السجن أو إلى نقصٍ في الرعاية الطبية المُقدمة
للنزلاء. وطالبت المنظمات الموقعة وزير
الداخلية بالتحقيق في وقائع الوفيات المذكورة وإصدار التعليمات بإجراء تشريح لكل
من مات أثناءالاحتجاز لدى أي من هيئات الدولة، والتعامل بشفافية مع نتائج تقارير
التشريح، وتحميل مسؤولي السجون مسؤولية أي وفاة سببها تصرفاتهم أو إهمالهم. وأوصت المنظمات بمراجعة الإجراءات الطبية
المُطبقة في مراكز الاحتجاز والسجون.
ورأت المنظمات في رسالتها أن التعذيب والمعاملة السيئة
لا يزالان من المشاكل الجدية في مراكزالاحتجاز والسجون اللبنانية. وجمعت المنظمات شهادات من عدد من السجناء أفادوا
عن تعرضهم للضرب أو التعذيب في عدد من مراكز الإحتجاز منها فرع المعلومات التابع
لقوى الأمن الداخلي، مخفر حبيش، وفي مخافر أخرى كزحلة وجل الديب، على الرغم من أن
المادة 401من قانون العقوبات اللبناني تجرم استخدام العنف في انتزاع الاعترافات،
فإنه يتم تجاهل هذا الحُكم القانوني في غالبية الحالات.
في العام 2007
طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش والمركز اللبناني لحقوق الإنسان (CLDH) بفتح تحقيق حول مزاعم بوقوع
عمليات تعذيب وسوء معاملة. زعم بعض
الموقوفين أنهم تعرضوا أثناء احتجازهم في وزارة الدفاع، للتعذيب من قبل المحققين
بغرض إرغامهم على الاعتراف، بينما قال آخرون إنهم تعرضوا لسوء المعاملة
والترهيب. وأفاد موقوفون
أنهم كانوا معصوبي العينين أثناء الاستجواب وأنهم
تعرضوا للكم متكرر خلاله. وحتى نهاية
العام، لم تكنَ دعوة منظمة هيومن رايتس ووتش والمركز اللبناني لحقوق الإنسان لفتح
تحقيق، قد لبيت.
عام 2006 أصدرت حركة التضامن مع اللبنانيين المعتقلين
تعسفياً، (سوليدا) ((SOLIDA، وهي منظمة
غير حكومية ناشطة في مجال حقوق الإنسان، تقريراً وثقت فيه ما قالت إنها أساليب
التعذيب المختلفة التي مورست في وزارة الدفاع اللبنانية
بين عامي 1992 و2005. وقد شملت الأساليب المذكورة التعذيب الجسدي
والحرمان من النوم والعزلة المطولة (الحبس الانفرادي طويل الأمد).
أقرت
الحكومة بحدوث إساءة عنيفة ضد الموقوفين أحياناً خلال التحقيقات الأولية، سواء في
مقرات الشرطة أو في الثكنات (المراكز) العسكرية، حيث جرى استجواب المشتبه بهم في غياب محامي الدفاع. وكانت هذه
الإساءات تقع بالرغم من وجود قوانين في البلاد تمنع القضاة من قبول اعترافات تم
انتزاعها تحت الإكراه.
رابعاً: التعاطي الرسمي مع أوضاع السجون
إن التعاطي الرسمي مع موضوع السجون في لبنان حتى تاريخه بقي قاصرا على المستوى
النظري، ولم يدخل حقل التطبيق الفعلي. فالحكومة لا تعتبر أن إصلاح السجون ذات أولوية
هامة. هذا وقد قامت الحكومة بجهد متواضع
من أجل تحسين أوضاع السجون والمساجين.
قامت الحكومة باعادة تأهيل بعض
السجناء من خلال برامج تعليمية وتدريبية.
سمحت الحكومة بمراقبة مستقلة لظروف السجون من قِبل
جماعات حقوق الإنسان المحلية والدولية، ومن قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC). في شباط فبراير من عام 2007، وقعت اللجنة
الدولية للصليب الأحمر (ICRC ( مع السلطات القضائية
والأمنية بروتوكولاً يجيز لها زيارة كافة السجون في البلاد بما يتوافق والمرسوم رقم 8800.
بدأ لبنان منذ العام 2008
بتطبيق
خطة
خمسية
تمتد
لغاية
العام
2012 ترمي إلى نقل إدارة السجون من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل، وفقًا للمعايير المتعارف عليها . وقد أكدت الحكومة اللبنانية التزامها ﺑﻬذه الخطة في بياﻧﻬا الوزاري للعام 2009 وقد أعدت وزارة العدل مشروع مرسوم يرمي إلى تنظيم وتفعيل مديرية السجون وجعلها مديرية عامة، بحيث يتولى إدارﺗﻬا جهاز متخصص يرأسه موظف يعين بمرسوم بناءعلى اقتراح وزير العدل، يكون من ضمن مهامها اقتراح إصلاح وتجهيز السجون القائمة ، وإنشاء
سجون
جديدة،
واقتراح
سياسة
عقابية
شاملة
تأخذ
بعين
الاعتبار
النظريات
العلمية الحديثة.
ويتم العمل حالياً على إقرار المرسوم الذي من شأ نه أن يحدث تقدمًا نوعيًا في معالجة مشاكل السجون.
كما اتخذ مجلس الوزراء قرارًا في كانون الأول 2009
بإنشاء
سجنين إضافيين،
على
أن
تتبع
المعايير
التي
ستحددها
لجنة
خاصة
لهذه
الغاية.
كما تم إعداد دراسة ميدانية حول موضوع الصحة في السجون من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمرتحت إشراف وزارة العدل ضمن إطار نقل موضوع الصحة في السجون من وزارة الداخلية إلى وزارة الصحة. ويتم العمل على إجراءات جديدة ﺗﻬدف إلى دعم وتطوير الظروف المعيشية الإنسانية في سجن روميه وأهمه توزيع كتيب يُبيِّن حقوق وواجبات الموقوفين والمحكومين، وتفتيش السجون عبر قيام القضاة المعنيين بزيارة السجون إنفاذا للقوانين المرعية، وإعداد دليل خاص بتفتيش السجون ، بالإضافة إلى السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة السجون والعمل على تدريب موظفيها. ويشارك اﻟﻤﺠتمع المدني في مبادرات ترمي إلى تحسين وضع السجون، مثل مشروع إعادة التأهيل النفسي للمساجين في شمال لبنان.
كما تعمل وزارة العدل على تسريع وتفعيل المحاكمات ﺑﻬدف القضاء على مشكلة تأخرها، وتسريع التحقيقات مع الموقوفين احتياطيًا للحد من أمد التوقيف الاحتياطي حيث أمكن لا سيما في إطار التخفيف من اكتظاظ السجون . كما أن وزارة العدل دأبت على تفعيل تطبيق قانون تنفيذ العقوبات رقم 436 للعام 2002 الذي ينص على تخفيض عقوبات المحكوم عليهم في حالات معينة.
خامساً: التعاطي الرسمي مع موضوع التعذيب
في العام
2000 انضم لبنان إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من طرق المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ، التي تلزم مؤسسات إنفاذ القانون باحترام حقوق الإنسان ومنع استعمال القوة المفرطة عند ممارستها لعملها. كذلك انضم لبنان إلى البروتوكول الاختياري لهذه الاتفاقية عام 2008. غير أن
الحكومة اللبنانية لم تقدم حتى حلول نهاية العام 2009 التقرير
الابتدائي المطلوب بموجب هذا البروتوكول.
إن لدى لبنان عدداً من التشريعات التي تحضّ على مراعاة حقوق الإنسان خلال التحقيق، إذ يتضمن قانون أصول المحاكمات الجزائية، المعدل بموجب القانون رقم 359 تاريخ 16 آب 2001
، موادًا تحدد الحقوق التي يتمتع ﺑﻬا كل مشتبه به قيدالتحقيق، إذ تُتلى على المدعى عليه أو المتهم حقوقه، كحقه في الاستعانة بمحام وحق عرضه على طبيب . ويتعرض الضابط الذي يخالف أصول التحقيق للملاحقة القانونية، كما أن القاضي يراعي مبدأ حرية المدعى عليه أثناء استجوابه، ويتأكد من أنه يدلي بإفادته بعيدًا عن كل تأثير خارجي عليه، سواءً أكان معنويًا أم ماديًا.
وتنص المادة 401 من قانون العقوبات اللبناني على : "من سام شخصاُ ضروباً من الشدة لا يجيزها القانون رغبةً منه في الحصول
على اقرار عن جريمة أو على معلومات بشأنها عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث
سنوات".
رغم أن قانون العقوبات يتضمن مواداً تحدد بعض جرائم التعذيب، إلا أنه لا يزال قاصرًا عن تغطية جميع هذه الجرائم كما وردت في المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب .وثمة مساع تبذلها وزارة العدل لمراجعة قانون العقوبات وتعديله بشكل يتلاءم مع الاتفاقية، ﺑﻬدف تضمينه تعريفًا لجريمة التعذيب، وتحديد الإجراءات العقابية بوجه مرتكبيها. هذا، وكان القضاء اللبناني قد أصدر قرارات قضت بعدم ترحيل طالبي لجوء كانواقد دخلوا خلسة إلى الأراضي اللبنانية، خشية تعرضهم للتعذيب في بلد المصدر، تطبيقًا للنصوص الواردة في اتفاقية مناهضة التعذيب.
على صعيد التدابير الإجرائية، أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي العديد من المذكرات التي تشدد على عدم الإساءة للسجناء والموقوفين أثناء التحقيقات، لا سيما الأحداث منهم ، تحت طائلة الملاحقة القا نونية أو اتخاذ التدابير المسلكية بحق المخالفين لهذه المذكرات.
كما تم إدخال مادة حقوق الإنسان في مناهج التعليم والتدريب عند قوى الأمن لتعزيز وعي العناصر وفهمهم للقوانين والاتفاقيات ذات الصلة، كما شاركت المديرية العامةلقوى الأمن الداخلي بعدة ورشات عمل حول حقوق الإنسان وقامت بوضع لوائح تعرِّف الموقوفين في عدد كبير من النظارات وأقسام الشرطة بحقوقهم، وهي بصدد وضع مدوَّ نة سلوك لعناصر القوى الأمن الداخلي وإصدار كتيِّب ﺑﻬذا الشأن.
وكون لبنان مصدق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية، عمدت وزارة العدل في العام 2009 إلى تشكيل لجنة مهمتها وضع مشروع قانون لإنشاء الآلية الوطنية المستقلة لمنع التعذيب تماشيًا مع المادة 17 من البروتوكول الاختياري . وقد سلمت هذه اللجنة خلاصة نتائج عملها، وتدرس السلطات المختصة حاليًا الخيارات المتاحة ما بين إنشاء آلية وطنية أو إنشاء مؤسسة وطنية لحماية حقوق الإنسان حسب المعايير الدولية وسيكون من ضمن مهامها مكافحة التعذيب. وحتى الآن لم تتخذ الحكومة أي
خطوات أخرى بهذا الشأن.
سادساً: مقترحات بشأن السجون وبشأن
منع التعذيب
لجنة "حقوق الانسان" النيابية وسبل معالجة مشكلة
السجون في لبنان
|
|
في 2/12/2010 عقدت اللجنة برئاسة النائب ميشال موسى وحضور
وزيري الداخلية والبلديات زياد بارود والعدل ابراهيم نجار واعضائها النواب حيث
تابعت اللجنة درس أوضاع السجون وسبل تحسينها. في نهاية الجلسة تحدث النائب موسى مشيرا الى
إنه "بعد دراسة مستفيضة لحال السجون في لبنان حصرت المشكلة
بعدة نقاط منها نقل صلاحيات السجون من وزارة الداخلية الى وزارة العدل وبناء
سجون مؤهلة والانتهاء من موضوع النظارات وموضوع حصر المساجين والموقوفين في
اماكن غير لائقة". ودعا موسى الى "التعجيل في اصدار الاحكام"، مشيرا الى ان "هناك تأخيرا في سير المحاكمات
والمطلوب الحفاظ على الاصول ضمن تطبيق القوانين وتسريع الاحكام التي يجب ان تصدر
في حق المساجين"، مضيفا ان "هناك توصية من اللجنة للحكومة
عبر وزير العدل من اجل معالجة هذا الموضوع وبالتالي رفع هذه التوصية لمجلس
القضاء الاعلى".
ولفت موسى الى ان "اللجنة دعت الحكومة الى انشاء مديرية عامة للسجون وتسمية مدير عام للسجون لمواكبة عملية انتقال صلاحيات السجون من وزارة الداخلية الى وزارة العدل"، مقترحاً ان "يكون هناك تشريعات تعطي تخفيضا للعقوبات للمستحقين واصحاب السلوك الحسن". |
مقترحات مدير
عام قوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي
في تقريره
المقدم في العام 2009 عن عن واقع
السجون في لبنان تقدم المدير العام بالمقترحات
التالية:
1 - استعجال السلطة القضائية في الاجراءات القانونية لجهة بت
ملفات الموقوفين وإصدار الاحكام بحقهم.
2- البحث مع السلطات الدينية المعنية لجهة ارسال رجال دين متخصصين
للتواصل مع السجناء الاسلاميين وإعادة صياغة افكارهم بما يتناسب والروح الحقيقية
للديانة الإسلامية.
3- ايجاد حل جذري لجهة الاسراع في ترحيل الاجانب المنتهية
محكومياتهم.
4- اتخاذ الاجراءات اللازمة للسير بمبدأ خفض العقوبة المنصوص عليها في القانون رقم 463/2002 والمرسوم رقم 16910/2006 بشأن خفض مدة تنفيذ العقوبة.
5- الاسراع في عملية إلحاق ادارة السجون بوزارة العدل.
6- العمل على ايجاد سجن خاص للموقوفين ذوي الحالات الخاصة.
4- اتخاذ الاجراءات اللازمة للسير بمبدأ خفض العقوبة المنصوص عليها في القانون رقم 463/2002 والمرسوم رقم 16910/2006 بشأن خفض مدة تنفيذ العقوبة.
5- الاسراع في عملية إلحاق ادارة السجون بوزارة العدل.
6- العمل على ايجاد سجن خاص للموقوفين ذوي الحالات الخاصة.
رسالة منظمات حقوق الإنسان لوزير الداخلية
في العام 2008 وجهت سبع منظمات لبنانية
ودولية معنية بقضايا حقوق الإنسان في لبنان رسالة إلى وزير الداخلية اللبناني زياد
بارود طالبته بإصدار تعليمات واضحة لعناصر قوى الأمن، تتضمن أنه لن يتم التسامح مع
ممارسة التعذيب والمعاملة السيئة، وأن من يقوم بمخالفة هذه التعليمات سيُعاقب
بموجب القانون، وإلى المبادرة فوراً بإجراء تحقيقات سريعة ومحايدة في كل التقارير
الموثوقة الخاصة بتعرض المحتجزين للتعذيب أو وفاتهم، وإلى تأديب أو مقاضاة
كل الأشخاص، بغض النظر عن رتبهم، الذين تثبت مسؤوليتهم عن تعذيب المحتجزين.
مقترحات الجمعية اللبنانية لحقوق الأنسان
في تقريرها عن "نظام السجون وأماكن التوقيف في لبنان" المؤرخ في
10/3/2003 رأت الجمعية اللبنانية أن أي تشريع جديد للسجون، يفترض به ان يتناول مايلي:
1-
إنشاء هيئة لإدارة السجون مرتبطة بوزارة العدل، على ان يرأسها قاضٍ متمرس بالحقوق الجزائية، ويمتلك خبرة واسعة في التعاطي مع المنحرفين إجتماعياً ويحوز ثقافة حقوق الإنسان. وتضم هذه الهيئة الى جانبه مندوباً عن جمعية معنية بحقوق الإنسان و مندوباً وزارة العمل والشؤون الإجتماعية وأخصائياً في علم النفس الإجتماعي..
2-
تصنيف السجون وأماكن التوقيف بالإستناد الى وضع المحكوم عليه او الموقوف، مع الأخذ بالإعتبار السوابق الجرمية، ومدى خطورته على المجتمع وشخصيته وعمره وجنسه .
3-
إيجاد سجون وأماكن توقيف جديدة قادرة على استيعاب العدد الكافي من المحكوم عليهم، على أن تكون هذه السجون وفق المعايير الدولية المحددة .
4-
اعداد سجون عصرية قادرة على اعادة تأهيل المحكوم عليه وإصلاحه واعداده لإعادة دمجه في المجتمع كمواطن صالح.
5-
تدريب السجين على المهارات المهنية وتمكينه من متابعة عمله داخل السجن، أو اكتساب مهنة جديدة تتناسب مع مؤهلاته الشخصية، في منحى اشعاره بقيمة ذاته الإنسانية وفعاليتها، وتمكينه من أداء العمل المنتج والمفيد له بعد خروجه من السجن.
6-
تمكين السجين من متابعة دراسته في مختلف مراحلها.
7-
توطيد علاقة السجين بأسرته للمحافظة على الأواصر التي تربطه بها وتسهيل الزيارات معها وفي غرف انفرادية .
8-
توطيد علاقة السجين بالعالم الخارجي من خلال :القيام بنشاطات إجتماعية عن طريق الإتصال بجمعيات مرخص لها، وبإذنٍ من إدارة السجن، وتمكينه من المراسلة والتلقي مع معارفه وأصدقائه حرصاً على حفاظه لعلاقاته العامة .
9-
وضع إدارة السجون في عهدة من تتوفر فيهم المزايا والمعايير الدولية.
10-
مراعاة المعايير الدولية فيما يتعلق بالخدمات الطبية.
11-
ممارسة الرقابة القضائية الفعلية على السجون .
12-
حفظ حق الموقوفين إحتياطياً بالإتصال، ضماناً لحريته وإحتراماً لمبدأ البراءة المفترضة.
13-
حق الدفاع بما في ذلك الإتصال بحرية ومباشرة مع موكله بمنأى عن أي رقابة . وممارسة الموكل لحقه في الإتصال ومراجعة الوكيل بدون إذن مسبق وبناء على بطاقته المهنية في المواعيد المحددة للمقابلات اليومية .
14-
منع موظفي السجون من التدخل لدى الموقوف لإقناعه بإختيار هذا المحامي أو ذاك تحت طائلة الملاحقة الجزائية، وإعتماد قائمة من المحامين المتبرعين في مقر كل سجن بالمرافعة المجانية، يتم اختيارهم من قبل هيئة رعاية السجين، يتم ترشيحهم من جمعيات حقوق الإنسان ولجنة المعونة القضائية في نقابة المحامين .
15-
تمكين مؤسسات المجتمع المدني وهيئات حقوق الإنسان في تأدية الدور المطلوب لمساعدة السجناء ورعايتهم .
مقترحات النائب غسان مخيبر
في إحدى الندوات قدم النائب غسان مخيبر مقاربة عامة
لاصلاح السجون في لبنان لا سيما «عدم توافق الاطار التشريعي (في العديد من احكامه) والاطار الاداري مع «القواعد الدنيا» ومع متطلبات علم ادارة السجون والسياسة العقابية الحديثتين». واعتبر «ان التردي في حال السجون يعود الى
عوامل واسباب عديدة، ابرزها غياب الارادة الجدية للاصلاح وعدم اعتبار تحسين وضع
السجون من الاولويات وبالتالي غياب السياسات التشريعية والقضائية والادارية
والمالية الواضحة واللازمة لتحقيق ذلك».ولفت الى اهمية «ان تتحول السجون، من اداة عقاب وحسب، الى اماكن اصلاح وتأهيل لاعادة انخراط
المساجين في المجتمع». وطالب «باقفال سجن وزارة الدفاع في
اليرزة، والاستعاضة عنه بجناح في سجن روميه خاص بحاجات الحماية الامنية القصوى
للمساجين الموضوعين فيه، واقفال نظارة الامن العام، والاستعاضة عنها بتجهيز سجن
جديد خاص بالسجناء والموقوفين المخالفين لقوانين السفر والهجرة يكون باشراف
المديرية العامة للامن العام، على ان يكون هذا السجن الخاص متكاملاً بحسب
المواصفات المطلوبة لحسن احترام «القواعد الدنيا» خاصة لجهة وجود نوافذ توفر النور والهواء الطبيعي، وامكانية اختلاط السجناء». كما طالب «بالاسراع في اصدار المرسوم
التطبيقي للقانون الخاص بتنفيذ العقوبات في اقرب فرصة ممكنة، الذي من شأنه اخلاء
عدد وافر من السجناء (يقدر - ب 20 او 25%
من السجناء المحكومين،
اي 300 سجن تقريبا) وبالتالي يكون من شأن ذلك الحد من
الاكتظاظ الحالي، وتوفير الحوافز الايجابية الضرورية لتحسين سلوك السجناء وتحسين
ظروف اعادة انخراطهم في المجتمع.
مقترحات المحامي بول مرقص
في جلسة تحت عنوان «العدالة الترميمية وتأثيرها في
تطوير السجون» تحدث فيها المحامي بول مرقص، قدم هذا
المحامي سلسلة اقتراحات لتحسين اوضاع السجون ابرزها : اخضاع السجون لوزارة العدل وليس لوزارة الداخلية، وتقسيم السجون حسب نوع الجرم وفئات الموقوفين (تبعا لما اذا كانوا قيد المحاكمة
او محكومين مع الاشارة الى ان اكثرية السجناء في لبنان غير محكومين)، وحسب مقتضيات تأهيل السجين
ومتطلبات ترميم العلاقة مع الضحية، وتمكين السجين من اقامة علاقة تواصلية مع
المجتمع خارج السجن كي يتمكن من اعادة الانخراط والاندماج المجتمعي عند خروجه منه، وانشاء دار للملاحظة خاص بالاحداث وتعميم معاهد الاصلاح في المحافظات (شبه مدرسة داخلية مختلفة تماما عن
امكنة السجون التقليدية) بديلا عن سجن الاحداث من اجل تأهيل الاحداث على مستوى اعمارهم وانواع
الانحراف وانشاء امكنة توقيف تأهيل الفتيات المنحرفات، اضافة الى متابعة اوضاع
الاحداث المخلى سبيلهم بعد تنفيذ التدابير والعقوبات المتخذة في حقهم.
سابعاً: كلمة
أخيرة
هناك إجماع شامل في لبنان،
حول التوصيف المزري لأوضاع السجون، ولكن حتى اللحظة ليس
هناك توجه رسمي جدّي
لمعالجة هذه القضية.
تتحّمل مسؤولية هذة المشكلة المزرية المزمنة كافة الحكومات المتعاقبة بما
فيها الحكومة الحالية حيث أنّ هذه القضية ليست من أولويات الحكومة مع أنّها قضية
إنسانية هامة، وتشكل صاعق تفجير للسجون وللمجتمع اللبناني بشكل عام.
ولا بدّ للإشارة
إلى أنّ لجنة حقوق الإنسان النيابية منذ تأسيسها في
العام 1994 والتي من المفترض أن يكون لها دوراً رقابياً وتشريعياً عجزت عن القيام بدورها ولم تستطع وضع
مقاربة فعلية لقضية السجون رغم الدراسات والخطة الوطنية المزعومة لحقوق الإنسان
والتي مضى سنوات على التحضير لها من دون خطوات عملية ملموسة.
ونحن نسأل معالي وزير العدل وأعضاء لجنة حقوق الإنسان النيابية:
-
لماذا
المشروع الإصلاحي لبهيج طبّارة في أدراج مجلس الوزراء؟
-
وما هو السبب
الذي منع الحكومة من تشكيل الآلية الوقائية الوطنية لمراقبة السجون في كانون الأوّل 2009؟ ولماذا فوّت لبنان هذه الفرصة وخاصةً بعد أن وّقع على البرتوكول الإختياري لإتفاقية الأمم المتحدة مناهضة التعذيب؟ إن تشكيل الآلية الوقائية الوطنية لمراقبة السجون هي إرادة سياسية وليست مالية ولا تحتاج لمعاشات نواب أو وزراء مع
الترحيب بمعاشاتهم وبأي تبرعات خدمة لهذه القضية.
المطلوب معالجة حقيقية بعيداً عن الفلاشات الإعلامية والمسرحية والتوظيفات السياسية. المعالجة تتطلب وضع تشريع جديد للسجون يتلاءم مع المواثيق والتشريعات الدولية وإنشاء هيئة لإدارة السجون مرتبطة بوزير العدل. غير أن وضع قانون جديد للسجون لايمكن ان يكون بمنأىً عن وضع تشريع جديد لأصول المحاكمات الجزائية ، يستوحي بدوره المواثيق الدولية التي ترعى حرية الإنسان وحقوقه، ويضع حداً للعديد من النصوص في القانون الحالي التي تشكل إنتهاكاً لهذه الحقوق .
إلى أن يتحقق ذلك هناك خطوات
مطلوبة من الحكومة اللبنانية، أولى
هذه الخطوات هو وفائها لتوقيعها على البرتوكول الإختياري
لإتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، والذي بموجبه
يجب تشكيل الآلية الوقائية الوطنية لمراقبة السجون للبدء بالمعالجة الجدية والهادئة
حتى لا تكون الصرخات الموسمية، مجرد صرخات في وادي الإهمال الرسمي. وعليها على اعتبار أن لبنان ملزمٌ،
بصفته دولة طرف في اتفاقية مناهضة التعذيب، بضمان قيام السلطات المختصة بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة
تدعو إلى الاعتقاد بأن عملا من
أعمال التعذيب قد ارتكب، وأن تضمن أيضاً أن يكون لكل من يزعم التعرض للتعذيب الحق في أن يرفع شكوى إلى السلطات المختصة وفى أن تنظر هذه السلطات في حالته على وجه السرعة وبنزاهة.
المراجع:
1) تقرير الأمم
المتحدة عن حقوق الإنسان في لبنان، وثيقة رقم A/HRC/WG.6/9/LBN/1 تاريخ 23/8/2010.
2) تقرير مدير
عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي عن "واقع السجون في لبنان"
تاريخ 25/9/2009.
3) تقرير الجمعية اللبنانية
لحقوق الإنسان عن "نظام السجون وأماكن التوقيف في لبنان" تاريخ 10/3/2003.
4) تقرير
الجمعية اللبنانية لحقوق الإنسان عن "حالة حقوق الإنسان في لبنان عام
2006" تاريخ 7/5/2007
5) تقارير
منظمة العفو الدولية عن "حقوق الإنسان في الجمهورية اللبنانية" للعام
2007 و 2008 و2009.
6) تقرير مركز
الخيام عن حالة حقوق الإنسان في لبنان إلى لجنة الإستعراض الدوري في مجلس حقوق
الإنسان في الأمم المتحدة تاريخ 3/8/2010.
7) رسالة
منظمات حقوق الإنسان السبعة إلى وزير الداخلية زياد بارود تاريخ 7/10/2008.
8) رسالة
منظمات حقوق الإنسان إلى وزير العدل إبراهيم نجار تاريخ 22/7/2010.
9) القانون
رقم 17 تاريخ 6/9/1990 المتعلق بتنظيم قوى الامن الداخلي.
10)
المرسوم رقم 17315 تاريخ 28/8/1964 المتعلق باحداث إدارة
في وزارة العدل تدعى إدارة السجون.
11)
المرسوم رقم 14310 تاريخ 11/2/1949 المتعلق بتنظيم
السجون وأمكنة التوقيف ومعهد إصلاح الأحداث وتربيتهم.
12)
شريف زيفر هلالي، واقع السجون العربية بين التشريعات
الداخلية والمواثيق الدولية، في WWW.startimes.com/f.aspx?t=2186387.
13)
Convention against Torture and Other Cruel, Inhuman or Degrading
Treatment or Punishment (CAT), General Assembly Resolution 39/46 of 10/12/1984
(entered into force, 26/6/1987)
14)
Optional Protocol to the
Convention against Torture and other Cruel, Inhuman or Degrading Treatment or
Punishment (OPCAT), General Assembly Resolution A/RES/57/199 of 18/12/ 2002
(entered into force, 22 /6/2006).
15)
Alkarama,
“Report on Torture in Lebanon” of October 2009.
16)
Report of
ALEF, “Lebanon: The Painful Whereabouts’ of Detention” of February 2008.
Most Important Websites: