Monday, May 26, 2014

المراحل التاريخية للتنظيم الإداري في لبنان


المراحل التاريخية للتنظيم الاداري في لبنان

 

مرّ التنظيم الاداري في لبنان بمراحل عدة إتسمّ في كل منها بسمة النظام السياسي الذي كان سائدا". وبعض هذه المراحل ترك أثرا" على الأنظمة الادارية لا يزال ظاهرا" حتى اليوم. يمكن تقسيم هذه المراحل الى ثلاث:

        أولا":   مرحلة الحكم العثماني.

        ثانيا":   مرحلة الانتداب الفرنسي.

        ثالثا":   مرحلة ما بعد الاستقلال.

 

 

أولا"=  مرحلة الحكم العثماني:

        بدخول العثمانيين سوريا عام 1516، أخضع لبنان للحكم العثماني وأُتبع لتقسيماتهم الادارية. وقد استمرت مرحلة الحكم العثماني لأكثر من 400، عام من 1516 حتى
العام 1919، وقد تركت أثرها على تنظيم وطرق الادارة في لبنان. هذا الاثر الذي لا تزال بعض معالمه ظاهرة في وقتنا الحاضر.

 

        إرتبط التنظيم الاداري في الدولة العثمانية بحاجات الدولة الاساسية، خاصة في المجالين العسكري والمالي. وكانت الدولة العثمانية تعتمد في كل مرة تلجأ فيها الى إعادة النظر بتقسيماتها الادارية، التنظيم الهرمي المتدرج من الأعلى الى الأسفل وفقا" لأربع مستويات هي التالية:

 

1)    الولاية، والتي عرفت في البداية بإسم " الإيالة "، وقد تولى شؤونها والي برتبة باشا.

2)   اللواء أو المسنجق، وهو تابع للولاية، وكان يضم عددا" من المقاطعات، وقد تولى شؤونه " سنجق بكى " ( أمير اللواء ) وفيما بعد سُمي متصرف.

3)    القضاء أو القائمقامية، وهي جزء من اللواء، وقد تولى شؤونها قائمقام.

4)     الناحية، وهي عبارة عن مجموعة من القرى والمزارع، وقد تولى شؤونهــا

موظف عرف بمدير الناحية.

 

بحسب هذا التنظيم كانت السلطة الهرمية بالدولة العثمانية تندرج بدء" من مدير الناحية مرورا" بالقائمقام في القضاء والمتصرف في اللواء والوالي في الولاية وصولا" الى قمة الهرم الممثلة بالسلطان العثماني ( الباب العالي ). هذا النوع من التنظيم الاداري يمكن اعتباره نظاما" مركزيا" لا حصريا"، على إعتبار ان الصلاحيات والمهام كانت موزعة على مستويات السلطة الادارية على وجه كان يضمن وحدة السلطنة، ويعزز سلطة الحكومة المركزية في الأستانة ويساعدها في ضبط ورقابة وحكم سائر الرعايا الخاضعين لها. بواسطة هذا التنظيم حكم العثمانيون المناطق التي منها تشكلت دولة لبنان الكبير في الاول من أيلول عام 1920.  في البداية نظم العثمانيون الأوضاع الادارية لهذه المناطق بإقامة ولاية في طرابلس ألحقوا بها القسم الشمالي من جبال لبنان.  وولاية في دمشق ألحقوا بها بيروت وصيدا والقسم الجنوبي من جبال لبنان وبقي هذا الوضع الاداري على هذا الحال حتى سنة 1660، عندما استحدثوا ولاية في صيدا ألحق بها الجنوب اللبناني، مع إبقاء البقاع جزءا" من ولاية دمشق. وفي العام 1864، أقام العثمانيون ولاية في بيروت شملت ولايتي طرابلس وصيدا اللتين ألغيتا. وظل البقاع يتبع ولاية دمشق حتى نهاية الحرب العالمية الاولى، وكان لجبل لبنان وضع خاص، وقد مرّ الحكم العثماني له بثلاث مراحل:

1- حلة الإمارة

2-  مرحلة القائمقاميتين

3- مرحلة المتصرفية.

 

1)    مرحلة الامارة: ( 1516 - 1840 ):

 

حكم العثمانيون جبل لبنان من خلال الامراء المعنيين ومن بعدهم الامراء الشهابيين. وكان حكمهم مطلقا"، فقد كانوا يعينون الامراء الذين بدورهم كانوا يعينون المستشارين والموظفين. وفي هذه المرحلة طغت الاقطاعية العائلية، وظهرت عائلات الأمراء والمشايخ والمقدمين وغيرهم، وحكم الجبل وراتبا". وكانت الوظيفة العامة تتنقل إما بالوراثة وإما بالشراء. وقد استمرت هذه المرحلة حتى عام 1840، حينما نشبت الصراعات الدموية الطائفية بين المسيحيين والدروز.

 

 

 

 

 

2)    مرحلة القائمقاميتين ( 1842 - 1864 ):

 

على أثر الأحداث الطائفية التي جرت عام 1840، قسّمت الدولة العثمانية جبل لبنان الى قائمقاميتين: قائمقامية مسيحية تمتد من طرابلس الى طريق الشام ومركزها بكفيا ويرأسها قائمقام مسيحي، وقائمقامية درزية تمتد من طريق الشام الى صيدا ومركزها بيت الدين ويرأسها قائمقام درزي. وقد تميّزت هذه المرحلة بظاهرتين أساسيتين، الظاهرة الاولى وتتمثل بإضعاف الاقطاعية العائلية حيث حلّ القائمقام والمجلس الاداري محل الأمراء والمشايخ وأُضعِفَ نفوذ المقدمين. والظاهرة الثانية وتتمثل ببروز نواة الديمقراطية حيث سُمِحَ للشعب بإنتخاب أعضاء المجلس الاداري. وبخصوص الوظيفة العامة الادارية والموظفين، فالوضع بقي تقريبا" على حاله، إنما إنتقلت سلطة التعيين والعزل من الأمير الى القائمقام.

 

3)    مرحلة المتصرفية ( 1864 - 1914):

 

لم ينجح نظام القائمقاميتين في وقف الفتن الطائفية التي تجدّدت عام 1860، مما أدى الى إلغاء القائمقاميتين، والى وضع نظام جديد لجبل لبنان عرف بنظام المتصرفية. بموجب بروتوكول عام 1864 جُعِلَ من جبل لبنان متصرفية ذات حكم ذاتي يتولاها متصرف مسيحي
( ليس لبنانيا" بل من رعايا الدولة العثمانية ) تعيّنه السلطنة العثمانية بعد أخذ رأي الدول الخمس، فرنسا، إنكلترا، روسيا،  بروسيا،  النمسا.

كان المتصرف يتولى السلطة الإجرائية وكان مسؤولا" عن حفظ الأمن والنظام في الجبل، ومسؤولا" عن تحصيل التكاليف منه، وكان يعود له تعيين الموظفين والقضاة. وكان يعاونه في إدارة الجبل مجلس إدارة مؤلف من إثني عشر عضوا" منتخبين من الطوائف الستة التي ينتمي إليها سكان جبل لبنان، وقسم جبل لبنان الى سبعة أقضية يدير كل منها قائمقام.

وهذه الاقضية هي: الكورة، البترون، كسروان، المتن، الشوف، زحلة وجزين.  وقسم القضاء الى نواح أو مديريات يدير كل منها مدير، والناحية أو المديرية قسمت الى قرى يدير كل منها شيخ صلح. وكان المتصرف هو من يعيّن القائمقامين ومديري الناحية من بين أبناء الطائفة الأكثر عددا" في القضاء أو الناحية، كما وكان يعيّن مشايخ الصلح بناء" على لوائح الانتخاب التي كان يوقعها أهالي القرى.  وكان في هذه المرحلة التمثيل الطائفي الاساس في تعيين الموظفين الإداريين. استمرت هذه المرحلة حتى إندلاع الحرب العالمية الأولى حيث ألغت السلطنة العثمانية هذا النظام الخاص للجبل وولّت عليه متصرفا" تركيا" لادارته كسائر المتصرفيات في ولايات السلطنة.

        في هذه المرحلة من الحكم العثماني ظهرت مؤسسة البلدية ومؤسسة المختار والمجلس الاختياري. وكانت مؤسسة البلدية إحدى إقتباسات الجماعة الاصلاحية العثمانية عن النموذج الأوروبي. ففي عام 1856 تأسست بلدية أسطنبول لتكون أول بلدية تنشأ في السلطنة العثمانية.  وما لبثت البلديات، بعد هذا التاريخ، أن أصبحت جزءا" من التنظيم الاداري الذي إعتمدته الحكومة المركزية العثمانية في قانون الولايات الصادر في العام 1864 وقانون البلديات الصادر في العام 1877.

وكانت أول خطوة تأسيسية لنشوء أول مؤسسة للبلدية في متصرفية جبل لبنان وباقي المقاطعات اللبنانية قد بدأت  ببلدية دير القمر عام 1864. وما لبثت البلديات أن إنتشرت في متصرفية جبل لبنان. أما في المقاطعات اللبنانية الاخرى فقد تأسست عام 1867 بلدية بيروت، وعام 1875 بلدية صيدا، وعام 1880 بلدية طرابلس والميناء، ولاحقا" بلديات أخرى عديدة في باقي المدن والقرى.

وتلازم ظهور البلديات مع ظهور المختارين والمجالس الاختيارية. ففي عام 1864 لجأت السلطنة العثمانية، في إطار الضبط والمراقبة الحكومية على فلاحي الأرياف الزراعية وحرفيّ المدن، الى إنشاء مؤسسة المختار والمجالس الاختيارية كأول مؤسسة قاعدية
للسلطة. وكان المجلس الاختياري وعلى رأسه المختار الحلقة الأدنى في سلسلة حلقات الجهاز الاداري العثماني التي أمّنت الربط المباشر لهذا الجهاز بالقوى المنتجة الفلاحية والحرفيّة والتجارية. وقد لجأت السلطات العثمانية الى إيجاد هذه المؤسسة لتكون سلطة بديلة لسلطة مجلس شيوخ القرية أو مجلس شيوخ الحرفة والنقابات الحرفية في المدن، ولتؤمن التوازن بين الجماعات العائلية المؤلفة لمجتمع القرية أو الحيّ في المدينة.

 

        وإستمر هذا التنظيم الاداري في لبنان حتى إستبداله بالتنظيمات الادارية التي وضعتها سلطات الانتداب الفرنسية.

 

 

 

ثانيا" = مرحلة الانتداب الفرنسي:

 

        عقب هزيمة السلطنة العثمانية وإنسحاب الأتراك ودخول جيوش الحلفاء بقيادة الجنرال اللنبي في تشرين الاول عام 1918 البلاد السورية، قسمت الاراضي المحتلة الى ثلاثة
مناطق:

1)    المنطقة الشرقية وضمت ولايتي دمشق وحلب.

2)  المنطقة الغربية وضمت جبل لبنان والاقسام المتبقية من ولاية بيروت بعد فصل لوائي عكا ونابلس وإلحاقهما بالمنطقة الجنوبية، وكانت ولاية بيروت تضم ألوية بيروت وطرابلس واللاذقية وقضائي صور وصيدا.

3)    المنطقة الجنوبية وضمت الاراضي الفلسطينية.

وعهدت إدارة المنطقة الغربية الى قيادة القوات الفرنسية التابعة لقيادة الجيوش البريطانية، فعينت هذه القيادة حاكما" إداريا" عاما" للمنطقة كلها، وحاكما" لجبل لبنان وفقا" لنظام بروتوكول عام 1864، وحاكما" لكل من ولاية بيروت وللألوية والأقضية، وكلهم من العسكريين.

وبعد دخول سوريا ولبنان في منطقة النفوذ الفرنسي، وذلك بموجب قرار الحلفاء المتخذ في مؤتمر سان ريمو بتاريخ 18 نيسان 1920 الذي منح فرنسا سلطة الانتداب عليهما، عمدت سلطة الانتداب الى تعيين متصرفين وقائمقامين في المناطق اللبنانية من أهالي البلاد، واستبدلت تبعا" لذلك ألقاب ممثليها العسكريين في المناطق الادارية بألقاب جديدة هي المندوب الاداري للمنطقة، والمستشار الاداري للواء والقضاء. فكان المستشار في اللواء الى جانب المتصرف، وفي القضاء الى جانب القائمقام،  الرئيس المسؤول عن ادارة اللواء أو
القضاء وصاحب السلطة الفعلية. وكان كل من المتصرف والقائمقام أعلى موظفين الحكومة المحلية في اللواء والقضاء، وكان كل منهما تحت أمرة المستشار مسؤولا" على المحافظة عن الامن والنظام وتطبيق القوانين والقرارات والأنظمة وتنفيذ أوامر المستشار وتعليماته، والاشراف على سير المحاكم النظامية والشرعية ضمن منطقته الادارية.

وفي الاول من أيلول 1920 أعلن المفوض السامي الفرنسي غورو إنشاء دولة لبنان الكبير شاملة متصرفية جبل لبنان وولاية بيروت والأقضية الاربعة المنسلخة عن سوريا وهي أقضية معلقة البقاع، بعلبك وراشيا وحاصبيا. وبنفس الوقت ألغى "غورو" كل التنظيمات والانظمة الادارية السابقة، وقسم أراضي الدولة الجديدة الى أربعة متصرفيات وهي:

1- متصرفية لبنان الشمالي ومركزها زغرتا.

2- متصرفية جبل لبنان ومركزها بعبدا.

3- متصرفية لبنان الجنوبي ومركزها صيدا.

4- متصرفية البقاع ومركزها زحلة.

وقسمت كل متصرفية الى عدة أقضية، وبعض الاقضية الى عدة مديريات، أما بيروت وطرابلس فقد أبقيتا مدينتين مستقليتين إداريا"، وجعلت بيروت عاصمة دولة لبنان الكبير.

وأناط المفوض السامي، بموجب النظام الذي أصدره للدولة الجديدة، السلطة التنفيذية بموظف فرنسي كبير لقب بحاكم الدولة، كان مسؤولا" لديه ويقوم بالنيابة عنه في إدارة البلاد والمحافظة على الأمن والنظام. أما الادارة المحلية فقد أنيطت بالمتصرفيين  في المتصرفية، والقائمقامين في الاقضية، والمديرين في المديريات.

وجُعل الى جانب المتصرف مستشار فرنسي بأمرة الحاكم يعاونه في ادارة شؤون منطقته، ولهذا المستشار سلطة التصديق على قرارات المتصرف ومراقبة أعمال الادارة المحلية وترك المفوض السامي لنفسه سلطة تعيين المتصرفيين، فيما جعل تعيين القائمقاميين من صلاحية حاكم الدولة، وتعيين المديرين من صلاحية المتصرفين بموافقة المستشارين الفرنسيين.

بحسب هذا النظام إتخذت الادارة في الدولة الناشئة شكلا" هرميا" يتدرج ضمن خمسة مستويات من أعلى الى أسفل كالتالي:

(1) السلطة المركزية، وهي المرجعية العليا، وعلى رأسها حاكم لبنان الكبير.

(2) المتصرفية، وعلى رأسها المتصرف.

(3) القائمقامية، وعلى رأسها القائمقام.

(4) المديرية، وعلى رأسها مدير.

(5) البلدية وهي السلطة المحلية التي تأتي في أسفل الهرم الاداري، وتتولاها هيئة محلية ممثلة بالمجلس البلدي والاختيارية.

 

وفي 9 من نيسان عام 1925 أصدر المفوض السامي الفرنسي " ساراي " قرارا" قضى بتقسيم دولة لبنان الكبير الى إحدى عشر محافظة ومديرية مستقلة هي مديرية دير القمر وفي نفس الوقت ألغى القرار المذكور القضاء، ولكنه أبقى على المديريات التي ربطها مباشرة بالمحافظات. وعلى هذا قسمت المحافظات الى 34 مديرية يترأس كل منها مدير. وبحسب هذا التنظيم أصبح مستويات السلطة الادارية في دولة لبنان الكبير أربعة وهي:

(1) السلطة المركزية المتمثلة بالمفوضية السامية وبالحاكمية العليا.

(2) المحافظة، ويتولاها محافظ يعينة الحاكم، ويعاونه مجلس ادارة المحافظة.

(3) المديرية، ويتولاها مدير يعينه الحاكم بعد استطلاع رأي المحافظ.

(4) المجالس البلدية المنظمة بأنظمة خاصة.

 

وفي 23 أيار 1926 أعلن الدستور اللبناني الذي وضعته لجنة تأسيسية مؤلفة من لبنانيين بالتعاون مع ممثلي سلطة الانتداب. أقر هذا الدستور استقلال البلاد ووحدتها واحتفظ بالحقوق والواجبات الخاصة بالدولة المنتدبة المنبثقة عن ميثاق عصبة الامم وصك الانتداب. كما وعين الدستور شكل الحكم وحقوق المواطن والسلطات العامة في البلاد. فأناط سلطة التشريع بهيئة تمثيلية، والسلطة التنفيذية برئيس الجمهورية، والسلطة القضائية بالمحاكم.

 

بموجب هذا الدستور ألغيت وظيفة حاكم الدولة، وانتقل زمام الحكم والادارة الى السلطات الوطنية تمارسها تحت مراقبة ممثل سلطة الانتداب، وبمعاونيه مندوبيه من المستشارين الفرنسيين الفنيين والاداريين في الدوائر المركزية والمناطق الادارية. فالشؤون الادارية المركزية قد أنيطت برئيس الجمهورية الذي مارسها بمعاونة وزراء مسؤولين أمام الهيئة التشريعية الممثلة للشعب، والتي كانت مؤلفة في البداية من مجلسين، مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وفيما بعد من مجلس واحد هو مجلس النواب بعد إلغاء مجلس الشيوخ  بالتعديل الدستوري الحاصل في 17 تشرين الاول 1927  والصلاحيات الدستورية والادارية التي خص بها رئيس الجمهورية والوزراء هي شبيهة بتلك الواردة في دساتير الدول البرلمانية، الا انها كانت مقيدة بتحفظات وردت في الدستور وفي صك الانتداب لمصلحة الدولة المنتدبة. وهذه التحفظات حدّت من سيادة البلاد واستقلالها، وخاصة في أمور تتعلق بعقد المعاهدات مع الدول، وبتمثيل لبنان سياسيا" واقتصاديا" في الخارج، وبقبول معتمدي الدول الاجنبية لديه، وبقيادة القوى المسلحة بإستثناء الدرك والشرطة. وفي 3 شباط 1930 صدر المرسوم الاشتراعي رقم 5 الذي تمّ بموجبه إلغاء التقسيمات الادارية السابقة، وإنشاء المحافظات الخمس التالية:

 

(1) محافظة بيروت ومركزها بيروت.

(2) محافظة جبل لبنان ومركزها بعبدا.

(3) محافظة لبنان الشمالي ومركزها طرابلس.

(4) محافظة البقاع ومركزها زحلة.

(5) محافظة لبنان الجنوبي ومركزها صيدا.

 

     وقسمت كل محافظة باستثناء بيروت، الى عدة أقضية، وألغيت المديريات من التقسيمات الادارية.

 

      وهذا التقسيم الاداري هو نفسه الذي مازال معمولا" به حاليا" مع زيادة محافظة سادسة هي محافظة النبطية ومركزها النبطية، التي أنشئت بتاريخ
23 أيلول 1975. وبحسب هذا التنظيم كانت درجات السلطة الادارية وفقا" لمستويات أربعة وهي:

        (1) السلطة التنفيذية، وتتمثل برئيس الجمهورية ويعاونه الوزراء.

        (2) المحافظة، ويترأسها المحافظ.

        (3) القضاء، ويتولاه القائمقام، ويكون في كل قضاء مجلس اداري محلي يعاون القائمقام ويعمل تحت إشرافه.

        (4) البلدية ويتولى اداراتها مجلس بلدي منظم وفقا" لقانون خاص بالبلديات.

 

        وبسبب إدراك سلطات الانتداب أهمية الدور الذي يمكن ان يلعبه المختار في القرية أو الحي فقد أصدرت في 13 كانون الثاني 1928 قانون المختارين الذي جعل من المختارية مؤسسة فعلية للسلطة المحلية. وبهذا القانون ألغيت الوظيفة التقليدية لشيوخ الصلح التي كانت قائمة على الأعراف والتقاليد لتحل مكانها وظيفة تعمل في إطار القوانين والانظمة.

 

بشكل عام يمكن القول ان التنظيم الاداري الذي اعتمدته  السلطة المنتدبة للبنان إرتكز على مبدأ المركزية المتشددة الذي سمح لهذه السلطة الممثلة بالمفوضية الفرنسية العليا أن تشرف مباشرة على ادارة شؤون الحكم، والامساك بقوة بجهاز الادارة في الدولة اللبنانية، وذلك عبر تأمين الربط المركزي بين المستويات الادارية المختلفة.  ومهما اختلفت التقسيمات الادارية التي عرفها لبنان في عهد الانتداب الفرنسي، فإن اختلافها بقي في إطار الشكل فقط ولم يتعد الى المضامين الوظيفية لسائر المستويات الادارية، التي ظلت تؤدي وظيفة واحدة وهي تعزيز السلطة  المركزية، الأمر الذي حدّ من حرية العمل لتلك المستويات.

 

 

ثالثا" = مرحلة ما بعد الاستقلال:

 

        لم تقدم الحكومات الاستقلالية الاولى على إعادة النظر في هيكلية التنظيمات الادارية التي وضعت في مرحلة الانتداب الفرنسي. فإستمرت الهيكلية الادارية في لبنا، لأكثر من عشر سنوات بعد الاستقلال، على نفس الأسس التنظيمية السابقة والتي كانت مقتبسة عن النظام الاداري الفرنسي الشديد المركزية.

جاءت المحاولة الاولى لتنظيم الادارة في لبنان بعد الاستقلال عام 1954. فقد صدر المرسوم الاشتراعي رقم 11 بتاريخ 29 كانون الاول 1954 الذي إعتمد تقسيما" إداريا" جديدا" للبنان. لم يكن التقسيم الجديد هذا ليختلف عن التقسيم الاداري الذي جاء به المرسوم الاشتراعي رقم 5 تاريخ 3 شباط 1930 الصادر في مرحلة الانتداب الفرنسي سوى بزيادة عدد الاقضية من 18 الى 24 توزعت على المحافظات.

        وجاء المرسوم الاشتراعي رقم 116 تاريخ 12 حزيران 1959، وهو قانون التنظيم الاداري العام الحالي في لبنان، فأبقى على عدد المحافظات والأقضية وتعيين مناطقها وتحديدها دون تعديل كما وردت في المرسوم الاشتراعي رقم 11 للعام 1954. والتعديل الوحيد الذي طرأ على هيكلية التنظيم الاداري حصل عام 1975. فالقانون رقم 36 تاريخ 23 أيلول 1975 قضى بإستحداث محافظة سادسة وهي محافظة النبطية ومركزها النبطية، وتم ذلك بتقسيم محافظة لبنان الجنوبي الى محافظتين هما محافظة الجنوب ومحافظة النبطية.

        وعلى مستوى الادارات المحلية المتمثلة بالمجالس البلدية والاختيارية فقد صدرت عدة قوانين ومراسيم تتعلق بتنظيم البلديات والمختارية، بدءا" بقانون 27 تشرين الثاني 1947 ونهاية بالقانون رقم 665 تاريخ 29 كانون الاول 1997.

 

        يتبين من قوانين التنظيم الاداري أن النظام الاداري اللبناني هو مزيج ما بين النظام المركزي والنظام اللامركزي. فهو نظام مركزي فيما خص وحداته الادارية على مستوى المحافظات والأقضية والمخاتير،  وهو نظام  لامركزي فيما خص وحداته الادارية على مستوى البلديات. فالمحافظات والأقضية ليست إلا إدارات مركزية الحصرية على المستوى الاقليمي والمحلي، وهي تقسيمات ادارية لا تتمتع بالشخصية المعنوية ولا تنطبق عليها تسمية الجماعات المحلية.

 

        أما البلديات فهي إدارات عامة محلية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الاداري والمالي، وتقوم ضمن نطاقها الجغرافي بممارسة الصلاحيات المرسومة لها في القانون. أما المخاتير فيعتبروا الركيزة القاعدية للسلطة المركزية وليس ركيزة قاعدية للسلطة المحلية. فهم يؤمنون إرتباط المجتمع المحلي بالسلطات العليا وفقا" للتدرج الهرمي الذي يبدأ بالقائمقام ويمر بالمحافظ ليصل الى وزير الداخلية.